أبو حصيرة والموقف المصري
اتخذ وزير الثقافة المصري قرارا في السابق بالاعتراف الرسمي بضريح الحاخام اليهودي ابو حصيرة والمقابر اليهودية التي حوله في قرية دمتيوه في دمنهور مما ترتب عليه اقامة احتفالية سنوية لمولد ابو حصيرة واعتبار ذلك الضريح من الآثار الاسلامية والقبطية في مصر.
لكن القضاء المصري نقض قرار وزير الثقافة، وحكمت محكمة القضاء الاداري في الاسكندرية بوقف تنفيذ قرار الوزير، واتخذت قرارا بمنع الاحتفال السنوي بمولد ابو حصيرة، والمهم ليس القرار بحد ذاته، بل المهم هو حيثيات الحكم التي تشكل وثيقة قانونية وسياسية تستحق القراءة.
حيثيات الحكم تؤكد ان «الاحتفال بمولد ابو حصيرة ينطوي على ايذاء الشعور الانساني للمسلمين والاقباط في مصر، خاصة انهم يرون مقدساتهم الاسلامية والمسيحية تنتهك في القدس من دون مراعاة لما احتوته الديانات السماوية من قيم واحترام».
المحكمة ربطت كذلك بين قرارها وقف تنفيذ قرار وزير الثقافة وبين «اقتحام قوات الاحتلال ساحة المسجد الاقصى، وقيام جماعة امناء جبل الهيكل بوضع حجر الاساس لبناء هيكل يهودي ثالث مزعوم، وذلك بقرار المحكمة الاسرائيلية العليا رغم ان القدس ارض محتلة، ورغم المساس بمشاعر المسيحيين الفلسطينيين في بيت لحم وبيت جالا»، لكي تنتهي المحكمة بالتأكيد على ان كل هذه الممارسات تجعل الاحتفال بميلاد الحاخام اليهودي ابو حصيرة امرا «يمس الامن العام والسكينة مما يتعين معه وقف اقامة الاحتفال».
المحكمة المصرية ذهبت الى ابعد من ذلك حيث قالت ان قرار وزير الثقافة يعد «مخالفا للقانون مخالفة جسيمة تصل الى حد العدم لانطوائه على تاريخية تمس كيان الشعب المصري، واهدار فادح لما انتهجه المشرع المصري من عدم اعترافه بأي تأثير يذكر لليهود خلال اقامتهم القصيرة في مصر».
تزامن قرار المحكمة المصرية مع الغاء حكم براءة شريف الفيلالي المتهم بالتجسس لاسرائيل وبغض النظر عن الموقف من الاجراءات القانونية، فان المهم هو ايضا حيثيات القرار والربط بين الجانب القانوني والسياسي حيث اكدت مذكرة مكتب شؤون امن الدولة على ان قرار براءة الفيلالي يعتبر مشوبا بالفساد، وان المتهم متورط، وباعترافاته، بالتخابر مع اسرائيل والعمل في جهازها الامني، وهذا القرار يعني موقفا سياسيا من القيادة السياسية المصرية وليس مجرد عمل قانوني، وهو يعني ايضا رسالة سياسية لاسرائيل.
واضح انه مع كل جهود اسرائيل فان مصر تستعصي على التطبيع بكل مؤسساتها.
أحمد الربعي